إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
  

690 ـ البتّاني  (854 م ـ 929 م):

البتّاني، هو محمد بن سنان الحراني، كنيته أبو عبدالله. ولد في بتّان قرب حرّان عام 854 م. اشتهر بأبحاثه الفلكية والرياضية. أقام أرصاده في الرقة على نهر الفرات، وقد وضع نظريات عديدة في الفلك، ولم يترك العراق، وفيها توفى عام 929م.

للبتّاني أبحاث مهمة في علم المثلثات، وقد أسهم في جعله علماً مستقلاً. استخدم معادلات المثلثات الكرية الأساسية، والخطوط المماسة للأقواس. وقد فضّل حساب الهنود بالجيب، أي بنصف الوتر، على الحساب بالوتر تبعاً لطريقة بطليموس، وفي عمله هذا جرأة العالم الذي فضل الطريقة الأقل شهرة لاقتناعه بها. وهو أول من وضع جداول لظل التمام. كما أسهم في إيجاد الحلول الجبرية لمسائل هندسية عديدة.

وقد اشتهر البتّاني برصده للنجوم، رغم عدم توفّر الآلات الدقيقة في عهده. واعتمد في معلوماته على كتب الأقدمين مضيفاً إليها ما لاحظه وخبره، وذكر كتاب المجسطي لبطليموس فقال: "قد تقصّى بطليموس علم الفلك من وجوهه ودلّ على العلل والأسباب العارضة فيه بالبرهان الهندسي والعددي. ثم أن بطليموس أشار على الذين سيأتون بعده بأن ينظروا في هذه الصناعة بعين الروية والاعتبار وقال إنه يجوز أن يستدرك عليه أحد في الزمن المتطاول أشياء (تبدلت مع الزمن)، كما استدرك هو على ابرخُس (معلم بطليموس) وغيره من نظرائه أشياء كثيرة، لجلالة هذه الصناعة ولأنها سمائية جسيمة لا تدرك إلا بالتقريب".

والبتاني مؤمن بأن ما يقوم به هو لتأكيد حكمة الله تعالى، قال في مقدمة كتاب له في الفلك: "ما يدرك بذلك من أنعم النظر وأدام الفكر فيه من إثبات التوحيد، ومعرفة كنه عظمة الخالق، وسعة حكمته، وجليل قدرته، ولطيف صنعه، قال عز من قائل: سورة البقرة الآية، 2 إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب. وقال تبارك وتعالى: سورة الفرقان الآية، 25 تبارك الذي جعل في السماء بروجا. وقال عز وجلّ. سورة الرحمن الآية، 55 الشمس والقمر بحسبان. مع اقتصاص كثير من كتاب الله عز وجل يطول وصفه.

وللبتاني منهجه العلمي في الرصد، فقد أكد أن أهم مقومات عمله هو جمع الأرصاد الوفيرة المتقنة، والمطالعة المعمقة في كتب الأقدمين ونقدها، وتصحيح اللازم بعد إنعام الفكر والتأمل. وذلك لأن "الحركات السماوية لا تحاط بها معرفة مستقصاة حقيقية إلا بتمادي العصور والتدقيق في الرصد" وفي هذا اعتراف بجهود العلماء المتتابعة، مع ما في خطواته من موضوعية وبُعد نظر، ذلك لأن الجهود البشرية محدودة "فإن الذي يكون فيها من تقصير الإنسان في طبيعته عن بلوغ حقائق الأشياء في الأفعال كما يبلغها في القوة، يكون يسيراً غير محسوس عند الاجتهاد والتحرّز، لا سيما في المدد الطوال…". وهو العالم المؤمن بالصبر والتواضع وعدم التفاخر، فالناس طبقات وما يدركه العلماء لا يدركه الآخرون، لكن لا ضرورة للترفع أبداً.

صنع البتاني زيجاً أثبت فيه الكواكب الثابتة لسنة 299هـ، وعمل من هذا الزيج نسختين، والثانية منهما أجود.

للبتاني كتب عديدة في الفلك والجغرافية. منها الزيج الصابي الذي شاع استعماله في أوروبا، وترجم وطبع مرات، من مواضيعه:

ـ  معرفة أقدار أوتار أجزاء الدائرة.

ـ  معرفة أقدار ما يطلع من فلك معدل النهار.

ـ  مقدار ميل فلك البروج عن فلك معدل النهار وتجزئة هذا الميل.

ـ  معرفة مطالع البروج فيما بين أرباع الفلك.

ـ  معرفة حركات سائر الكواكب بالرصد، ورسم مواضع ما يحتاج إليه منها في الجداول في الطول والعرض.